اخر الأخبار

اعلان

حمل القالب من عالم المدون

الثلاثاء، 31 يناير 2012

حرق الذات شجاعة أم قلة وعي؟


أن يقدم الإنسان على تشويه ذاته ، أو قتلها رغم علمه أنها أمانة عنده و أن الأمانة وجب الحفاظ عليها حتى ترد لصاحبها شجاعة أم قلة وعي ؟ أم أن الانتحار و حرق الذات أصبح موضة هذه الأيام يمارسه البعض كناية على رفع التحدي أو الجرأة ؟ أم أنه بات الوسيلة الوحيدة من أجل الوصول إلى المبتغى ؟ غير أنه و بعيدا عن هذا و ذاك يبقى حرق الشخص لنفسه مسؤولية يتحملها وحده و من منحه هذه الروح هو الوحيد القادر على استردادها متى شاء .
عندما شاهدت مجموعة من الفيديوهات لعدة أناس قاموا بحرق أنفسهم عبر مجموعة من المواقع الالكترونية واضعين بذلك حدا لحياتهم في أغلب الأحيان ، تساءلت مع نفسي و مثلي كثيرون عن جدوى هذا الفعل الشنيع أولا و عن مدى قدرة هؤلاء الأشخاص الذين كان من بينهم من يمني النفس بتحمل المسؤولية عن طريق الحصول عن عمل ، كيف كان بإمكاننا أن نثق فيمن خانوا أنفسهم و ضيعوا أكبر الأمانات ؟ كيف لمن هانت عليه نفسه و لم يفكر بأقرب أقربائه و مدى التعاسة التي يمكن أن تلحقهم جراء هذا الجرم الشنيع أن يخدم الصالح العام ؟ و هل كانت هذه هي الطريقة الوحيدة فعلا أجل للخروج من أزمتهم ؟
إذا كنا نجزم بأن كل من أصابته مصيبة فعليه أن يضع حدا لحياته ، فكل الناس مصابون و كل الناس لديهم على الأقل أزمة تؤرقهم ، ليتفق الكل على يوم إذن و لنحترق!كي نكون عبرة في الألم و المآسي ! أعتقد أن الأشخاص الذين قرروا إحراق أنفسهم قد تمرنوا كثيرا على تغييب عقولهم ، و إلا لما استطاعوا  الإقدام على هذا الجرم الشنيع ، فالعقل هو الشيء الوحيد الذي كان بإمكانه أن يردعهم و يذكرهم بأن الإيمان بالله و التوكل عليه هو الوسيلة الوحيدة للخروج من هستيريا الحرق التي اجتاحت مجتمعنا .
حرق الذات ووضع حد للنفس في الحقيقة  معناه الفشل في مواجهة الأمور ، وعدم القدرة على تحمل المسؤولية ، حرق الذات هو نقطة سوداء في حياة الشخص ، و لو أن هؤلاء فكروا قليلا في قوله تعالى "و لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق " لتغيرت نظرتهم للأشياء ، لو فكر هؤلاء للحظة لأدركوا أن هذه الحياة ما خلقنا فيها إلا للعبادة و العمل و السعي و التعب من أجل وصول الهدف ، و لو عمل هؤلاء بمبدأ المرونة في الحياة و بحثوا عن البدائل في انتظار تحقيق المراد ، لعلموا أن الحياة لن تتوقف عند هذه الأزمة أو تلك ، و أن الشجاعة ليست في حرق الذات و قتلها و إنما الشجاعة في الوعي بقدر مسؤولياتنا تجاه النفس و الأخر و بذل كل الجهود من  أجل الاستمرارية و العطاء .

بوجرتاني فاطمة 

hubk

حمل القالب من عالم المدون