بوجرتاني فاطمة
قال الشاعر : قف للمعلم و فه التبجيلا
كاد
المعلم أن يكون رسولا
هكذا قدر السلف أهل العلم و قدروا من تحملوا مسؤولية تبليغه للأجيال التي
تليهم ، هكذا قدر المعلم في سالف الأزمان و إلى عهد قريب كان البعض منا يخجل من
لقاء أحد أساتذته و يحترم تواجده في نفس الطريق ، فكان المعلم يجد في ذلك التلميذ
ضالته و يفتخر كونه علم هذا التلميذ أو ذاك لأنه يرى نتاج رسالته النبيلة و كان
خير دليل لمجموعة من الشباب الذين أصبح وطنهم يفتخر بهم بين ظهرانيه .
لكن معادلة الاحترام التي كان تجمع المعلم بتلميذه، و مبدأ الاعتراف
بالجهود المبذولة من طرف من كاد أن يكون رسولا قد تحولت إلى حقد و ضغينة ، بل لم
تعد لها أية مكانة أو معنى سواء تعلق الأمر بالتلميذ أو الآباء في أغلب الأحيان ،
حتى أن مهنة التعليم و إن صح التعبير مهنة التدريس ، أصبحت موسومة بالعنف بين
الجانبين ، لكننا مع ذلك قد نتقبل في بعض الأحيان أن يكون المعلم قاسيا يضطر إلى
زجر تلاميذه من أجل عطاء أكثر إن لم ينفع معهم اللين ، قد نتقبل أيضا أن يغير
المعلم بيداغوجيته في تسيير قسمه عن طريق الترهيب من أجل الوصول إلى نتائج تعود
بالنفع على تلاميذه من وجهة نظره و بالتالي يكون الطرفان قد حققا مبتغاهم الذي
تعبوا لأجل تحقيقه على مدى سنة دراسية مضنية ، لكن أن يتطاول التلميذ بمعية الآباء
على المعلم و خاصة منهم المعلمات فهذا ما لا يقبل بأي حال من الأحوال ، لأنه إذا
أهين المعلم في أي زمان أو مكان فاقرأ على العلم السلام ، و هذا بالضبط ما بدأ
يخشاه أصحاب المهنة النبيلة فكثير من المعلمين ممن عرفوا بتفانيهم في العمل و
بإخلاصهم لمهنتهم تراجعت مردود يتهم ، ليس لأنهم ملوا اجترار نفس المعلومات كل سنة
، بل لأن أجواء التدريس باتت غير التي عرفوها من ذي قبل ، و اعترف أغلبهم أن عدم
احترام حرمة المؤسسات و الأسرة التعليمية معا ، من شأنه أن يكون من بين الأسباب
التي قد تؤثر سلبا على التعليم ببلادنا و الذي بدأت بوادر تراجعه بين باقي الدول
تظهر جليا .
الكل اليوم ينادي بإصلاح التعليم ببلادنا ،الكل اليوم يعي جيدا أن تقدم
المجال التعليمي و مواكبته للتقدم المكتسح للعالم اليوم هو أساس نهضة أي بلد ، غير
أن هذا العنف الذي بدأت تعرفه مؤسساتنا التعليمية ، خاصة ما يعانيه المعلمون من
قبل من يفترض بهم متلقون للعلم ، من شأنه أن يجعل نظرتنا للمستقبل التعليمي
ببلادنا لا يبحث عن طرق تطوير المناهج فقط ، بل وجب على القيمين على القطاع إعادة
الاعتبار إلى التعليم كوسيلة هامة في إعادة التوازن إلى أخلاقياتنا المتجذرة في
ثقافتنا ، على القيمين على القطاع البحث عن سبل للتواصل مع التلاميذ ، بل البحث عن
سبل كفيلة بتوجيه هذه الطاقات السلبية إلى ما هو أحسن و تذكير أطرنا التعليمية بأن
العنف لم يعد أداة ناجعة للقمع و إيصال رسالتها ، على مجتمعنا أيضا من أباء ،
تلاميذ ، و جمعيات المجتمع المدني و غيرهم توعية هاته الفئة المهمة من الشباب كون
التعليم لا يعني فقط حفظ المواد المقررة ، بل هو مراة مستقبله و شخصيته التي
سترافقه مدى الحياة .