اخر الأخبار

اعلان

حمل القالب من عالم المدون

الأربعاء، 10 أغسطس 2011

السرح .. و المرعى


بقلم : محمد أبو الكرام


إذا حاولنا دراسة المسرح من جميع زواياه، بداية من تاريخه،و رواده. من خلال العروض المسرحية على الركح العربي و العالمي. يصعب علينا تحديد مصطلح محدد و عام نفهم منه المفهوم الوحيد للمسرح،نعرف جميعا لقبه المشهور
"أبو الفنون" و نعرف كذلك لماذا سمي به؟ لكن قد يصعب علينا تحديد تعريف محدد لهذا الفن العريق.
التعريف اللغوي للمسرح في المعاجم العربية تقول: المَسْرَح: مَرْعَى السَّرْح، والسَّرْح من المال: ما يُغدَى به ويُراح، والجميع: سروح، والسارح اسم للراعي، ويكون اسماً للقوم الذين هم السَّرْح نحو الحاضر والسامِر وهم الجميع، قال الشاعر:

سَواءٌ فلا جَدْبٌ فيُعرَفُ جَدْبُها
ولا سارحٌ فيها على الرَعْي يَشَبعُ

يمكن أن نسقط هذا التعريف و نقول أن الركح هو المرعى، و نعتبر المادة المعروضة فوقه هي السَّرْح أي الغذاء، و الراعي هو الممثل الذي يسعى الحفاظ على رعيته و الحرص على جودة الغذاء (العمل المسرحي).

إذا أخذنا أي عرض مسرحي على سبيل المثال،كيفما كان شكله و نوعه،و مضمونه، ولغته،و مدرسته. لابد أن نفهم من المسرح أنه معرفة، و تعرف، و إدراك،و فهم،و تذكر، و تخيل،و انفعال، و تغير، و مزج بين شخصيات، و أفكار، و مشاعر، و صور، بل هي الحياة تجمع لنا من خلال أدوار مشخصة ممزوجة بين الخيال و الواقع.تتحول من خلالها الخشبة إلى أرضية شاسعة تتلاقح فيها ثقافات و حضارات،تخلق لنا صورة ننغمس في عمقها بمشاعرنا و ننفعل مع أدوار الممثل و بالتالي ينسج خيط يشارك المتلقي في حل "العقدة". وقد نفهم من هذه التعابير أن المسرح عبارة عن كون حر يعيش فيه المسرحي حياة التحرر،يفرض وجوده بتداخل بين الأداء، و التلقي، و التخيل، و الإستمتاع.

إذا أردنا أن نفهم معني بعض المصطلحات(المعرفة،الإنفعال،الإدراك،التذكر،التخيل) فسنلاحظ أنها قد تحمل نفس المعنى أو تضم مجموعة من المفاهيم التي سبق ذكرها. فالمَعْرِفَةُ والعِرْفَانُ إدراكُ الشيءِ بِتَفَكُّرٍ وَتَدَبُّرٍ لأثرِهِ وهو أخَصُّ من العلم . و حدد الدكتور محمود أبو النيل في كتابه علم النفس الاجتماعي، المجلد الأول، ص 50مظاهر الإنفعال في ثلاث حالات،الأول ذاتي يشعر به الفرد .و الثاني خارجي يكشف عن نفسه في السلوك الحركي للفرد كالصراخ و البكاء و الضحك و الابتسام.أما الثالث فهو فسيولوجي،يظهر في ضربات القلب.
أما التذكر يعرفه ابو النيل باستعادة كل ما مر به الإنسان من أحداث و خبرات و معلومات و صور حركية أو ذهنية سبق و أن تعلمها و أكتسبها و شاهدها و انفعل معها.

و بخصوص ظاهرة الخيال و التخيل. يقول الدكتور شاكر في كتابه علم نفس الإبداع أن التخيل هو نشاط غير متحكم فيه ينغمس فيها الفرد كبديل للواقع، و هو يرتبط بأحلام اليقضة. و قد تم التمييز بين التخيل و أحلام اليقضة باعتبار أن الأول له صفة لا شعورية،أما الثانية فلها صفة شعورية غالبة على صفاتها اللاشعورية.
و الخيال بالمنظور العلمي هو القدرة العقلية النشطة على تكوين الصور و التصورات الجديدة تنتج عبر الدمج و التركيب و إعادة تركيب الذاكرة انطلاقا من الماضي أو الحاضر أو تخيل صورة خيالية للحياة في المستقبل.فالخيال إبداع بناء يتضمن العديد من عمليات التنظيم العقلية. حسب ميلتون روكيتش فخلال النشاط الخيالي تمتزج صور و خبرات و توقعات الأزمنة الثلاثة (الماضي و الحاضر و المستقبل)ينتج عنها مركبا يسمى المنتج الخيالي الإبداعي .
و أخيرا يعرف مصطلح الإدراك بعد دراسات عديدة لعلماء النفس بالإستجابة لمنبهات تثير انتباهنا حسب خصائصها الطبيعية أو الرمزية. ويشترط في عملية الإدراك التصور و التذكر ، و يمكن الإنسان من التكيف مع بيئته ، و بالتالي فهو وسيلة اتصال الإنسان بالبيئة التي يعيش فيها.

من خلال الدراسة البسيطة لبعض المفاهيم التي اعتبرناها مجتمعة في مصطلح "المسرح" و التي قد نستنتجها من خلال مشاهدتنا لعروض مسرحية مهما اختلفت مضامينها و مدارسها...أو بالدراسة العميقة لهذا الفن العريق. قد نستنتج أن تلك المفاهيم متداخلة و مركبة فيما بينها أو قد تشرح بعضها البعض.و بعبارة أخرى هي مفاهيم تجمع كلها المعنى العميق للمسرح. و بالتالي ليس للمسرح مفهوم واحد محدد بل هو مجموعة من المصطلحات التي تعطي معاني مختلفة لمفهوم المسرح.


hubk

حمل القالب من عالم المدون