بقلم فاطمة بوجرتاني
FATIMABOUJARTANI40@GMAIL.COM
حلقة
الأسبوع الماضي من برنامج مباشرة معكم التي احتفت بالمرأة في عيدها العالمي ، أسالت الكثير من المداد بأن أخرجت العديدين
عن صمتهم ، سواء منهم من يدعون النضال من أجل استرداد الحقوق المهضومة للمرأة أو
اللذين يناضلون من أجل الحرية و التحرر ، ليس هذا فحسب بل إن هذه الحلقة أزاحت
النقاب عن الفكر الحقيقي لدعاة الحرية لأننا اكتشفنا بعد نهايتها أن بعض المنتمين
لهذا الركب يبحثون فقط عن حرية تناسب مقاسهم و يريدون إلباسها بشكل أو بأخر لنساء
مغرب القرن الواحد و العشرين ، لأنه في نظرهم الآراء التي لا تتماشى مع متطلباتهم
و رؤيتهم الفكرية تخلف و تأخر غير مقبول و إن أصاب أصحابها و صفقت لهم الأغلبية.
حلقة
مباشرة معكم التي استضافت نجمات من نوع أخر لم يعتد الجمهور المغربي رؤيتهن
باستمرار ، بل الغريب و الذي أعتقد أنه لم يكن مقصودا هو أن الفتيات كن في أغلبهن
محجبات و هذا كان من أكثر الأمور التي أثارت حفيظة البعض ،حتى أنني خلت أن شاشتنا
الصغيرة بل و إعلامنا على العموم هو حكر على فئة دون الأخرى ، و صدقت للحظة أن كل
من ارتدت الحجاب فهي ضمن حزب إسلامي و ما دون ذلك فهي متحررة إلى أبعد الحدود ،
لأن ما وجدنا عليه ردود الفعل بعد انتهاء الحلقة أشار إلى أننا قسمين لا ثالث لنا
، و أننا أمة لا تقبل التغيير و لا نتقبل بعضنا حتى أننا لا نحترم أفكار بعضنا البعض و لا نحاول
مناقشتها بحيادية ، في حين لو نظرنا إلى الموضوع من زاوية أخرى فإننا سنلاحظ أن
البرنامج الذي كان مباشرا أظهر مدى الضعف الذي يعاني منه شبابنا في التعبير عن
أنفسهم ، صحيح أن رهبة الكاميرا تربك حتى من ألفوا الوقوف أمامها، لكنها النقطة
التي وجب أن نكون حذرين منها لأن الحرية و
التعبير عن الذات اكتساب و ممارسة ، الحرية تبدأ من داخل الأسرة التي تنظر إلى
التعبير عن الرأي عصيانا ، انتقالا إلى المدرسة التي يخلط فيها المربي بين الحرية
في الرأي و قلة الاحترام ، ثم بعد ذلك
المجتمع الكبير الذي يتوارث كل هذه التراكمات فيسقطها على الآخرين و قد لا يستطيع
الخروج من بوتقتها إلا القليلون .
من جهة
أخرى أعتقد شخصيا أن اختيار طاقم البرنامج لهاته الفئة من الشابات بدون استثناء في
عيد المرأة كان ناجحا بل و مثيرا ، إذ لأول مرة في تاريخ الإعلام المغربي يتخلى
هذا الأخير عن الوجوه المألوفة التي بتنا نتوقع حضورها و نحفظ مسبقا تاريخ إنجازاتها عن ظهر قلب حيث تتكرر على مسامعنا في
كل مرة ، في حين أن البرنامج هذه المرة خرق كل التوقعات و سلط الضوء على فئات
استطاعت بحق أن تكون حاضرة بإنجازاتها و إن كانت وجوها غير معروفة أو مألوفة ،
لكنها اليوم دخلت كل البيوت و خلقت حالة من الجدل الحقيقي المسكوت عنه منذ سنوات
عبر الإعلام البصري خصوصا و الذي يعتبر قنطرة عبور فكري إلى كل الأقطار ، و كانت
تلك فرصة حقيقية للعالم أن يتعرف عن المرأة المغربية بكل تلويناتها الثقافية و
الفكرية الباحثة عن الأفضل لها و لمحيطها ، و إن اختلفنا معها في بعض الآراء فإنها
مع ذلك غيرت النظرة السائدة عن المرأة المغربية و التي أثر الإعلام سلبا في نشرها
عن قصد أو غير قصد .
نحن
فخورون بأن تكون بيننا فتيات عبرن باختلافهن الثقافي عن واقع المرأة المغربية
العصرية ، فخورون كونهن خلقن نقاشا حقيقيا تأخرنا عن طرحه سنوات طوال ، بل استطعن
فتح ملفات ظننا أنها لن تناقش أبدا في إعلامنا ، قد لا نكون متفقين مع بعض الآراء
التي طرحتها الضيفات لكنهن مع ذلك استحققن الاحترام لعزمهن على إيصال صوتهن و معهن
فئات أخرى من المجتمع إلى كل العالم دون
خوف أو تردد .