الاستاذ : مصطفى اعشي
عبارة عن فيلم وثائقي أنجزته على ما يبدو مؤسسة ناسيونال جيوگرافيك الأمريكية،National Geografic
حول اكتشاف أثري بمغارة المهربين بتمارة. يستغرق عرض الوثائقي حوالي ساعة إلا ربعا.
يرسم هذا الوثائقي ظروف اكتشاف جمجمة وبعض عظام الهيكل العظمي لطفل، أطلقت عليه البعثة الأثرية المختلطة المغربية الأمريكية، إسم بشرى. يتابع بالصورة والصوت مختلف مراحل هذا الإكتشاف الأثري، وكذا بداية الدراسات والأبحاث والتحاليل التي أجريت على جمجمة هذا الطفل الذي يعود الى حوالي 108000 سنة قبل الميلاد،حسب عمليات التحقيب التي خضعت لها الجمجمة.
والجدير بالإشارة هنا أن برامج التنقيبات الأثرية، يشرف عليها وينظمها المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث التابع لوزارة الثقافة، لأنه هو الذي يعطي الرخص، بل ويوفر الظروف المادية والبشرية واللوجيستيكية لمختلف البعثات الأثرية التي تنقب في المواقع الأثرية المغربية، سواء كانت وطنية صرفة، أو أجنبية، أو مشتركة، مغربية أجنبية. والبعثة الأثرية التي اكتشفت جمجمة بشرى مغربية أمريكية، استفادت بدورها من الدعم المادي والعلمي واللوجيستيكي الذي يضعه المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث رهن إشارات البعثات الأثرية.
ورغم الدور الأساسي الذي قام به المعهد وباحثوه في هذا الإكتشاف، فإن الفيلم الوثائقي لم يشر لا إلى المعهد ولا إلى أساتذته الباحثين لامن قريب ولا من بعيد؛ وكأنهم مجرد أشباح أو جنود خفاء.
وحسب المعلومات المتوفرة، فإن معدي الفيلم الوثائقي سجلوا عددا من اللقاءات مع الباحثين المغاربة المشاركين في البعثة داخل المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، إلا أن الفيلم لا يتضمن أي استجواب معهم. ففي الوقت الذي همش فيه معدو هذا الوثائقي الباحثين المغاربة ولم يذكروهم لا بالخير ولا بالشر، رفع من قدر باقي الأجانب، وفي مقدمتهم الأمريكي ديبل دافيد و الفرنسي هوبلان المعروف بين الباحثين الأجانب بأنه المتخصص في شمال إفريقيا، مستغلا ثقة الباحثين المغاربة الذين فتحوا له مواقعهم الأثرية ومخازنها، يتصرف فيها كما يشاء.
صحيح أن المغرب يفتح أبوابه أمام الباحثين الأجانب، الذين من المفروض فيهم أن يقدروا الثقة التي وضعت فيهم ويتعاملوا معه كباحثين لا كفاتحين.
إلا أنه مع الأسف، فإن بعض هؤلاء الباحثين لا يزالون يتصرفون في مستخرجاتنا الأثرية، وكأنها ملكهم، وليست ملك المغاربة، ولا يحترمون أدنى أخلاقيات البحث الأثري.
وما أثارني في هذا الوثائقي، هو التهميش الذي طال الباحثين المغاربة المشاركين في البعثة المغربية الأمريكية التي نقبت في موقع مغارة المهربين بتمارة؛ إذ أن صورهم تمر بسرعة البرق في الوثائقي دون التركيز عليهم أو ذكر أسمائهم وصفاتهم، كما يفعلون مع باقي الباحثين الأمريكيين و الفرنسيين. وكأن الاكتشاف حصل في أمريكا أو فرنسا وليس في المغرب.
إلى متى يستمر هذا التعالي والاستكبار من طرف هؤلاء الباحثين الأجانب ، وذلك على الرغم من أن الباحثين المغاربة هم الذين يعود إليهم الفضل في هذا الاكتشاف الأثري المتميز على الصعيد العلمي العالمي.
والشيء بالشيء يذكر، فمن اللازم التذكير هنا أن مؤسسة ناسيونال جيوگرافيك مؤسسة علمية، معروف عنها أنها تحترم أخلاقيات البحث العلمي وتعطي لكل ذي حق حقه. ولذلك فيبدو أن الذين أعدوا هذا الوثائقي استغلوا اسمها فقط. ولكي يمكن تأكيد هذا الرأي أو رفضه، يجب الرجوع إلى العقدة أو الإنفاق الموقع مع البعثة الأمريكية التي نقبت في مغارة المهربين. وحتى في حالة وجود اتفاق مع البعثة الأمريكية حول الوثائقي كان من الواجب على البعثة أو مديرها الحصول على ترخيص من المركز السينمائي المغربي لإنجاز الوثائقي؛ لأن المغرب بلاد مؤسسات وقوانين يجب الالتزام بها.
وعليه، فمن الضروري بل ومن الواجب أن يوضع حد لمثل هذه التصرفات و السلوكات، و أن يتخذ المسؤولون عن التراث الوطني إجراءات رادعة، ووضع النقط على الحروف مع المؤسسات والباحثين الأجانب.
ولمن يريد الإطلاع على الفيلم الوثائقي، عليه أن يعود إلى الشبكة العنكبوتية ويبحث عن: