بقلم : فاطمة بوجرتاني
تعتبر البطالة من أهم المعضلات الاجتماعية التي تعاني منها مختلف الدول سواء الغنية منها أو السائرة في طور النمو ، خاصة بعد الأزمة العالمية التي ألحقت أضرارا بالاقتصاد العالمي مما زاد من حدتها ، إذ تضررت مجموعة من القطاعات التي كان يعول عليها في التخفيف من الظاهرة .
وصل معدل البطالة في المغرب إلى 9.1 خلال الفصل الثالث من 2011 محققا بذلك ارتفاعا قدره 0.1 نقطة بالمقارنة مع نفس الفترة، و حسب بنك المغرب حول الظرفية الاقتصادية فإن معدل البطالة بالوسط القروي سجل ارتفاعا ب0.3نقطة إلى 4.1في المائة، أما معدل البطالة في صفوف حاملي الشهادات فقد انخفض بنسبة 0.5 نقطة أي بمعدل 16.9في المائة .
كل هذه المؤشرات المتباينة في نسبة البطالة بين صفوف الشباب فإنها تبقى جرس إنذار وجب التصدي له و تظل من أهم المشاكل التي تؤرق مختلف المجتمعات ، و إن كانت حدتها تختلف من دولة لأخرى. و ما بين الحل و الأزمة يبقى الشباب المتضرر الأول من الظاهرة حيث يرى البعض منهم أن حل المشكل تتقاسمه كل المكونات داخل أي بلد ، و في انتظار حلول ممكنة للأزمة يرى بعض الشباب أن الجلوس مكتوفي الأيدي في انتظار أن الوصول إلى مخرج أو لا ليس إلا هدر للطاقة ، إذ يرون في البحث عن البدائل إلى حين الوصول إلى حل حقيقي بإمكانه أن يساهم في التخفيف من الأزمة و في ذات الآن التمكن من اكتساب مهارات و قدرات تساهم في مضاعفة فرصته لولوج سوق العمل .
حتى أخرج من خندق البطالة كان علي أن أنسى أنني حاصل على شهادة عليا
" حتى أخرج من خندق البطالة كان علي أن أنسى أنني حاصل على شهادة عليا في مادة الفيزياء ، و أعمل حارسا خاصا ، حلمت كثيرا و عملت بجد من أجل الوصول إلى منصب في وظيفة غير التي أعمل بها ، لكني أمنت في الأخير أن الانتظار و التقوقع في ظلمة البطالة هو أكبر خطأ أرتكبه في حق نفسي ، صحيح أنا غير راض على هذا العمل خاصة و أن راتبها متوسط و لا ترقى لما طمحت له إلا أنني أجدها الحل الوحيد للخروج من البطالة و تكوين أسرة . " يقول سعيد دكتور في مادة الفيزياء.
" كان العمر يمضي و أنا أنتظر كأي طالب حالم بالعمل بعد التخرج ، درست المادة التي أحببت و كنت أجد في دراستي لها ، لكنني في نهاية المطاف و جدت نفسي أدرس أقسام الابتدائي بثمن زهيد في مدرسة خاصة ، بحثت كثيرا لأغير مهنتي أو أن أنخرط على الأقل في سلك أعلى لكن دون جدوى ، فاقتنعت بعد غدة محاولات بأن العمل و تحقيق النجاح قد يأتيان في ؟أي مكان و زمان ، يكفي أن نحب ما نعمل و نخلق لأنفسنا ذاك الفضاء الملائم للعمل و أن نؤمن بأن رسالتنا فوق هذه الأرض نستطيع تحقيقها بأي في أي زمان و مكان ، خصوصا و أننا في فترة يعاني منه العالم بأسره من أزمة البطالة " يقول محمد مجاز في مادة الدراسات الإسلامية .
بحثت كثيرا عن عمل...... فقررت أن أنشئ جمعية في مجال تخصصي
و إذا كانت هذه المجموعة من الشباب الذين اختاروا حلولا مؤقتة من أجل التغلب على آفة البطالة ، و جعلوها في بعض الأحيان وسيلة للوصول إلى هدف أكبر فهم مع مرور الزمن بدؤوا يدركون أنها ربما تكون وظائفهم إلى الأبد ، فهناك من الشباب من اختار اللجوء إلى حلول أخرى ، و من بين أكثر الحلول شيوعا في الآونة الأخيرة تأسيس الجمعيات أو تعاونيات تذر ربحا معقولا لمؤسسيها ، بل تفوق حلمهم في غالب الأحيان . صحيح أن العمل الجمعوي تطوعي لكن التحايل في هذه الحالات خلق لهؤلاء الشباب فرصة لتحقيق الذات .كما هو الحال ل : ج س رئيس جمعية للإعلاميات " حصلت على مستوى الثاني جامعي بعد ذلك خرجت لسوق الشغل فاكتشفت أنني غير مؤهل لسوق الشغل لذلك اخترت اجتياز مجموعة من التداريب وعندما وجدت أن فرصتي في مجال تخصصي ضعيفة ، اخترت تغيير مساري المهني ، وجدت جمعية بالقرب من مقر سكناي انخرطت بها و اكتسبت منها تجربة لا بأس بها ، ثم اتخذت قراري بتأسيس جمعية على نفس النهج رفقة مجموعة من الأصدقاء ، و الآن لدينا مجموعة من الفروع عبر ربوع المملكة ، صحيح أنها لم تكن الهدف لكنها على الأقل كانت الوسيلة التي تنقدني من براثن البطالة "
لكن هدا لم يكن الاستثناء فالكثير من الشباب اتخذوا من الجمعيات مجالا لتأسيس الاستقلالية في العمل تذر عليهم دخلا مهما ، و إن كان العمل الجمعوي أتى لهدف إنساني تطغى عليه المجانية ، فإنه اليوم أصبح وسيلة جديدة للكثيرين تغنيهم عن انتظار فرصة عمل في أي قطاع من القطاعات .
جمعيات اختلفت تخصصاتها المهنية فبعد أن كانت محدودة في بعض الحرف كالخياطة و الطرز و غيره أصبحت اليوم توسع من دائرتها ، بل أصبحت تنافس مؤسسات خاصة إذ تقدم منتجها بأرخص الأثمان و قادر على الإدماج في سوق العمل بالنظر إلى الشراكات التي قد تحصل عليها هذه الأخيرة أو بالنظر إلى المنح التي تحصل عليها و التي تجعلها مستمرة في العطاء و لو اختلفت الإمكانيات .
.
ع . ر ، رئيسة جمعية مهنية ، يتعلم المنخرطون بها مبادئ الطبخ و الاستقبال تقول : " عندما تخرجت من المعهد كانت أحلامي كبيرة لكني فوجئت بأن سوق العمل ليس سهلا كما تخيلناه ، بحثت كثيرا عن عمل لكن دون جدوى ، فقررت أن أنشئ جمعية في مجال تخصصي رفقة مجموعة من الأصدقاء ، نجحنا في ذلك ، واجهتنا مجموعة من العقبات لكنه كان الباب الوحيد أمنانا و رغم أنه لم يكن منتهى طموحنا لكننا سعداء بما قدمناه لطلبتنا الذين وضعوا ثقتهم بنا "
عدد كبير من الشباب أمنوا بضرورة التصدي للبطالة سواء عن طريق تغيير تخصصاتهم أو عن طريق الانخراط في مؤسسات تذر عليهم أموالا تكفيهم مد اليد أو السؤال حتى من أقرب المقربين .