اخر الأخبار

اعلان

حمل القالب من عالم المدون

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

من تسلية على الانترنيت و دردشة عابرة إلى تفكك أسري ينخر المجتمع الخيانة الجديدة شبح يهدد استقرار العلاقات الإنسانية





تعتبر الخيانة ظاهرة اجتماعية قديمة، حيث يرى البعض أنها قد تختلف من مجتمع لأخر، لكن خصوصية المجتمع العربي المحافظ يجعل السؤال يطرح عن هذه الظاهرة . و التي بدأت تأخذ منحى أخر خاصة بعد ظهور الانترنيت و الوسائط الاجتماعية التي فتحت المجال للمستور بالظهور ، إذ لم يعد بإمكان أحد السيطرة على فكر الآخر أو حتى  تحديديه ،  إذ أتاح هذا العالم الافتراضي للناس مساحة حرية أكبر اختلت معها المبادئ الأساسية للتربية بالمجتمعات العربية .  

بعض أسباب الخيانة الزوجية 
تعتبر الخيانة الزوجية من الظواهر الاجتماعية التي ذمتها مختلف الأعراف و الديانات عبر العصور ، ففي أوربا و المجتمعات المتقدمة ارتبطت هذه الظاهرة بالتفتح الاجتماعي و الحرية الشخصية ، ومع ذلك فقد لوقيت بالرفض و كانت لها عواقب وخيمة على الأسرة والمجتمع ، لكن الأمر يختلف في مجتمعاتنا العربية بالنظر إلى الخلفيات الاجتماعية المرتبطة بثقافة الحشمة و الحياء و التي يراها البعض رادعا أساسيا لمثل هذه الظواهر المشينة بالقيم و المبادئ الأساسية المتعارف عليها أضف إلى ذلك الخلفية الدينية التي تعتبر في غالب الأحيان المانع الأكبر لمثل هذه الظواهر، ومع ذلك فإ ن السؤال يطرح نفسه  حول هذه ظاهرة الخيانة  بالمجتمع العربي  و التي استفحلت مع توالي السنيين ؟
يرى البعض أن من بين أهم أسباب الخيانة الزوجية في الأوساط العربية عموما و المغربية خصوصا هي :
نمط التربية التي تتبناه الأسر خاصة فيما يخص التربية الجنسية ، و التي تظل محط غموض لدى الأطفال أو حتى من هم أكبر سنا  ، كما يعزو الكثيرين ذلك إلى التربية المدرسية و التي تجعل الأمر  من الموضوعات  المسكوت عنها لتكرس بذلك مبدأ الحشمة و " العيب" داخل أوساط التلاميذ ، و ليظل هذا العالم غائبا عن أذهان الكثيرين إلى أجل غير مسمى، إضافة إلى هذا وذاك فإن طغيان المشاكل داخل الأسرة و عدم  القدرة على خلق جو أسري متوازن  يزيد من حدة الأمر ليبقى السبيل للخروج من كل هذه القيود هو البحث عن إطار أكثر حرية و بدون رقيب ، و الذي قد يتحول  يتحول المستحيل فيه إلى ممكن .
فاطمة ربة بيت تقول : " أنا مقبلة على الزواج لكني أخشى الخيانة ، لست أدري لماذا لكنها هاجس يومي لا يفارقني"
مصطفى مدير تربوي : "في الحقيقة لا أستطيع العيش دون مغامرة و لذلك فأنا أحترم زوجتي  و أبنائي لكني لا أستطيع أن أبقى داخل جلدي لمدة طويلة أحتاج إلى التغيير في علاقاتي"

خيانة من نوع آخر
إن هذه العلائق التي يتحدث عنها مجموعة من الأشخاص أصبحت تتخذ منحى أخر برؤية متقدمة بالنظر إلى التطور التكنولوجي الذي بدأ يسطو على حياتنا اليومية ، الخيانة التي اختلط فيها الحابل بالنابل فمن صداقات و دردشات حول مواضيع هامة و غيرها ........تحول الأمر إلى هروب البعض من واقعهم الذي يبدو بالنسبة لهم مرا ، كالسيدة مريم موظفة بالقطاع الخاص و التي تحكي عن تجربتها بكل عفوية " الانترنت هو عالمي ، أبتعد فيه عن الجميع أبنائي و زوجي و حتى أصدقائي الذين تعودت عليهم  ربطت علاقات مع أشخاص من مختلف الأوطان العربية نتكلم في كل شيء ، لكننا قد نتحول في أغلب الأحيان عن وجهتنا لنتحدث في مواضيع شخصية ، لا أخفيكم سرا هناك علاقات بالنسبة لي تجاوزت حدها في غياب متكرر للزوج بحكم عمله "
سليم موظف بإحدى الشركات الخاصة يقول : "أرى أن الانترنت له جوانب إيجابية في دعم العلاقات الإنسانية و تنويعها ، كما أعتبره نقلة هامة في المجال العلمي ، لكني أعتب على أولئك الذين يحولونه عن وجهته التي وجد لأجلها "
نورة طالبة تقول "الوسائط الاجتماعية أصبحت ضرورية في حياتنا اليومية فهي وسيلة لتسهيل التواصل و تقريب المسافات بين الأفراد ، لكن البعض جعل منها طريقا لعلاقات غير مشروعة ، فقد تتحول المحادثة عبرها من  موضوع مهم إلى ألفاظ قد لا يقوى المرء على استيعابها ، أعتقد أن هذا أمرا لا يرضاه أحد بالنظر إلى علاقاتنا الاجتماعية المبنية عل الاحترام و الأمانة "
" أعتقد أن هناك من يستغل الوسائط الاجتماعية لأهداف لا تفيده ولا تفيد مجتمعه بل تجعل هذا الأخير يمقته ، ويفقد احترامه له في لحظة نزوة عابرة "يقول فهد موظف و أب لأربعة أطفال
" لا أفهم كيف يمكن للمرء أن يقوم بخداع شريك حياته و لو عبر الانترنت ، ويعتقد أن الأمر مجرد لعبة  لا تتجاوز حدود التسلية فقط في حين أن ذلك يعتبر خيانة في نظر المجتمع " تقول خديجة ربة بيت.

أثار الخيانة الزوجية
كما هو معلوم فإن الخيانة الزوجية لها أثر سلبي على المجتمع ، إذ تؤدي في غالب الأحيان  إلى التفكك الأسري و الذي يذهب ضحيته و بدون أدنى شك الأطفال ، حيث تصبح نفسيتهم مضطربة ، مما يؤثر على سلوكياتهم و التي قد تصبح عدوانية  ، فقدان الثقة تجاه الأخر من بين أهم العواقب التي تنتج عن هذه الظاهرة ، و التي قد تؤثر سلبا على مسيرتهم الحياتية العلمية و العملية ، لأنهم فقدوا الثقة في وسطهم الأسري و بالتالي أسقطوا عليه كل ما تبقى داخل المجتمع ، لتتحول النظرة الطفولية إلى لحظات حقد على الآخرين ، سببها طيش أبوي لم يحترم العلاقة الأسرية و الأمانة التي بين يديه .

الرأي الشرعي للخيانة الزوجية و خاصة الإلكترونية :
أقرت الشريعة الإسلامية مبادئ السمو بالأخلاق، وأمرت المسلمين بالابتعاد عن كل ما يمكن أن يكون سبباً في الانحراف الأخلاقي أو الديني، وقدمت مبادئ درء المفاسد على جلب المصالح، يقول الله سبحانه وتعالى {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن}. 
يرى الدكتور سلمان الداية (الأستاذ المساعد في كلية الشريعة في الجامعة الإسلامية بغزة) أن الخيانة الالكترونية التي تختلف وسائلها هي ليست جريمة واحدة بل عدة جرائم في آن واحد، فمشاهدة الصور والنظر إليها وهو ممنوع وحرام، قد يدفع إلى ارتكاب محرمات أخرى وهو الطلب من الزوج أو الزوجة ممارسة الشذوذ المحظور! أو الوقوع في المعاصي أو الزنا أو غيرها
ويضيف الدكتور الداية بالقول: "يجب أن يعلم المقدم على هذا الفعل أنه حرام ومعرفة الإنسان بحرمة الفعل من شأنها أن تزجره عن فعله، أيضاً إذا علم الإنسان أن الله جل وعلا من خلال سنته الكونية يجازي الإنسان ويعامله على جنس عمله، فالذي يتجرأ على أعراض الناس ربما ابتلاه الله من جنس صنيعه، فيجد من يتجرأ على عرضه، فإن ذلك يزجره وربما يزجره في مرحلة ما أكثر من خشيته من الله سبحانه وتعالى". وتابع بالقول: "إذا استحضر المرء أنه كما يخون سيبتلى بمثل ما يصنع وفقاً للسنة الكونية، وأن الغير يخونه في عرضه هذا يمثل له زاجر.. وإذا علم المرء أن صنيعه يجعل حياته من جهة العافية والطمأنينة والهناءة والمال والرزق، فإن المعصية تؤثر في العافية وتؤثر في هدوء الإنسان وطمأنينته وتضيق الرزق". 
من جهتها، تقول الداعية الإسلامية الدكتورة ملكة زرار (المستشارة في قضايا الأحوال الشخصية) عن الخيانة عبر الإنترنت والتي قد تصل إلى حد الزنا عبر الإنترنت: "إن الخيانة الالكترونية زنا يحاسب الشرع عليه؛ لأنه يؤدي بالإنسان إلى ما يؤدي به الزنا الواقعي"، معتبرة هذا النوع من الخيانة يوجب الطلاق
وأضافت، أن هذا النوع من الزنا يدخل في باب الزنا الحكمي، وإن لم يكن هناك التقاء جسدي ولابد أن يواجه مرتكبوها العقاب الشرعي وأن يكون القانون متوافقاً مع الشرع في العقاب
وأنهت كلامها، بأن الموقف الشرعي واضح من قضية الخيانة الالكترونية التي بدأت تظهر الفترة الأخيرة في المجتمع، وأدت إلى انشقاقات في كثير من الأسر وأدت إلى حالات طلاق كثيرة

أراء المتخصصون فى الطب النفسى والتربوى:
 يرى دكتور متخصص أن الحوار عبر الإنترنت يتميز بأمور تسهل الخيانة، ومنها: "اللاإسمية" حيث لا يعرف طرفا العلاقة (إن أرادا ذلك) اسم أو عنوان أو جنس أي منهما، وهذا يعطي مساحة هائلة من الحرية في التعبير عن الذات دون اعتبار لأي عوامل سياسية أو اجتماعية أو أخلاقية، كما تتميز بحرية الدخول والخروج، فلا إلزام بوقت أو مطالب، وهذه الحرية ربما تكون غير متاحة في العلاقات العادية، وكذلك يتميز الحوار عبر الإنترنت بإنسانية العلاقة، حيث يتحرر الطرفان من أي التزامات حزبية أو طائفية أو دينية أو اجتماعية ويجدان نفسيهما في حوار ثنائي إنساني حر، بعيداً عن كل الضغوط والالتزامات السابقة، وهذا يجعل التواصل أكثر إنسانية وأكثر تجاوزا للخلافات والاختلافات.

الوسائل العلاجية المستخدمة للحماية من الآثار السلبية للنت :
وعن الجانب العلاجي الذي يمكن بواسطته التخلص من الآثار السلبية والسيئة لاستعمال الإنترنت فيما يسيء إلى الحياة الزوجية: 
التسليم بأن عالم الإنترنت عالم جذاب إلى أقصى درجة مما يفتح الباب لكثير من التجاوزات بين الأزواج، خاصة إذا كانت العلاقة مضطربة في الأساس، ويمكن القول جدلاً بأن من يفقد شيئاً في واقعه سيجده بوفرة على الإنترنت لكثرة ضحايا هذه الشبكة العنكبوتية!.. 
استخدام الحيلة: 
كإرسال رسائل بريدية إلى الزوج من عنوان مجهول تحتوي على قصص عن الخيانات الزوجية وآثارها على المستقبل الوظيفي والعائلي والاجتماعي والديني، كذلك إرسال قصص تكشف الخداع في العلاقات الإلكترونية.
المصارحة الوجدانية والعاطفية لا الجدلية:
وهذه تعتمد على طبيعة العلاقة قبل ذلك، وقد تكون قاسية على البعض ولكنها ضرورية في مرحلة ما. وخلاصة الأمر أن يحدد الطرفان ما إذا كانا يريدان الاستمرار في العلاقة بينهما، ثم يحددان ما الذي ينقصهما من احتياجات
العمل على إشباع الحاجات العاطفية المفقودة:
فيجب إعادة  الروح للعلاقة الزوجية الأسرية بإعادة خطوط الاتصال القلبية والوجدانية بين الزوج وزوجته والأب وعائلته، وعدم الانسياق في هاوية الأنانية على حساب وقت الأسرة والأبناء.
طلب الاستشارة:
وخاصة من متخصص في العلاقات الاجتماعية أو الحالات النفسية.


بقلم فاطمة بوجرتاني 

hubk

حمل القالب من عالم المدون